قيل لي أن في القاهرة 30 مليون نسمة، فيهم عدة ملايين سوريون وليبيون ويمنيون، وربما جاليات أخرى، وجدتْ فيها الملاذ الآمن.
هذا يدفع للاستغراب إذا ما نظرنا لحجم المغتربين المصريين في بلدان عربية وغربية لا حصر لها، في ليبيا على سبيل المثال.نحن في ليبيا تعرفنا إلى إخوتنا السوريين والمصريين والفلسطينيين والعراقيين من زمان، ذابوا في مجتمعنا، وكانت إقامتهم عندنا اختيارية، بحثًا عن عمل يفيض عندهم وينقص عندنا، سابقًا في التعليم، وحاليا في الأعمال الحرفية، ولكن السوريين الذين قرروا الهجرة لمصر، وشكلوا فيها جالية لم تكن موجودة قبل 2011م، هم من أصحاب التجارة في معظمهم كما رأيت، وما خرجوا من بلادهم إلا بسبب الموت الذي التصق بها وصار اسمًا من أسمائها، حتى باتت الحياة فيها شبه مستحيلة.
الملاحظ هو نجاحهم هناك، وتفوقهم في بعض التجارة على أهل البلد، وهذا بشهادة مصريين قابلتهم وتحدثت معهم.
الملاحظ هو نبرة الاعتراف والمحبة التي لمستها في حديث المصريين، أحدهم لخّص القول بعدما عدّد لنا ما يعمله السوريون عندهم وحجم تجارتهم التي كبرت وازدهرت في مصر حتى كدت أعتقد بحقده تجاههم، قال:
"السوريون يتفوقون أينما ذهبوا، لأنهم أولاد حلال"
هكذا بكل بساطة، بكل ودّ ورحابة صدر. لم أسمع أحدهم يتذمر لي بقوله: "برانية يزاحموا فينا في أرزاقنا" مثلا، أو أن يصف بلاده أنها "نخلة عوجة تعطي للغريب". مع العلم أن الأجنبي في مصر يملك، وفي "بعض البلاد الأخرى" -التي يتذمر بعض أهلها من المزاحمة في الأرزاق- لا يحق له ذلك.
هذا بالرغم من أن زيارتي جاءت متزامنة مع أسوأ حالة يمر بها الجنيه المصري أمام الدولار، غلاء في الأسعار، طبقة فقيرة كشف سترها، وطبقة متوسطة تعافر كي تحافظ على مكانتها.
فرّج الله على أهل سوريا "أولاد الحلال"
وحمى الله مصر "أم الدنيا"
كنت في انتظار أن يتلاشى سحر زيارتي كي أبدأ في الكتابة عنها، لكن يبدو لي أن السحر لن يخفت، وأنا مضطرة للكتابة دون التجرد من هذه العاطفة. ومازال للكلام بقيّة
تعليقات
إرسال تعليق